يحتفل العالم هذا العام فى السابع والعشرون من هذا الشهر ( 27 سبتمبر 2022 ) بمرور 200 عام على فك رموز الكتابة المصرية القديمة، ونشأت علم المصريات، الذى نشأ نتيجة هذا الكشف العظيم.
إسمح لى عزيزى القارىء أن نتعرف سوياَ على لوحة رشيد الحجرية، وتاريخ فك رموز الكتابة المصرية القديمة.
إكتشفت لوحة رشيد الحجرية عام 1799م، ضمت هذه اللوحة مفاتيح اللغة المصرية القديمة .
هذه اللوحة حاليًّا فى المتحف البريطانى، يرفض المتحف إعادتها لمصر، وهى مصنعوعة من حجر الجرانوديوريت غير منتظم الشكل، ارتفاعه 113 سم، وعرضه 75 سم، وسمكه 27,5 سم. وقد فُقدت أجزاء منه فى أعلاه وأسفله. ويتضمن الحجر مرسوماً من الكهنة المجتمعين فى مدينة منف (ميت رهينة - مركز البدرشين – محافظة الجيزة) يشكرون فيه الملك بطليموس الخامس (إبيفانس 204 ق.م – 180 ق.م) حوالى عام 196 ق.م لقيامه بوقف الأوقاف على المعابد وإعفاء الكهنة من بعض الالتزامات.
سجل هذا المرسوم على لوحة رشيد الحجرية بخطوط ثلاثة هى حسب ترتيب كتابتها من أعلى إلى أسفل: الهيروغليفية، الديموطيقية، اليونانية، وقد فقد الجزء الأكبر من الخط الهيروغليفى وجزء بسيط من النص اليونانى.
وقد أراد الكهنة أن يسجلوا هذا العرفان بالفضل للملك البطلمى بالخط الرسمى وهو الخط الهيروغليفى، وخط الحياة اليومية السائد فى هذه الفترة وهو الخط الديموطيقى، ثم بالخط اليونانى وهو الخط الذى تكتب به لغة البطالمة الذين كانوا يحتلون مصر.
وصلت لوحة رشيد الحجرية إلى بريطانيا عام 1802م بمقتضى اتفاقية العريش التى أُبرمت بين إنجلترا بقيادة القائد "نيلسون" وفرنسا بقيادة القائد "مينو"، تسلمت إنجلترا بمقتضاها لوحة رشيد الحجرية وآثارًا أخرى وبدأ الباحثون بترجمة النص اليونانى، وأبدى الباحثان "سلفستر دى ساسى" و"أكربلاد" اهتماماً خاصًّا بالخط الديموطيقى.
وقام العالم الإنجليزى "توماس يونج" الذى حصل على نسخة من لوحة رشيد الحجرية عام 1814 م بافتراض أن الخراطيش الموجودة فى النص الهيروغليفى، تحتوى على أسماء ملكية. واعتمد على نصوص أخرى مشابهه كالمكتوبة على المسلة التى عثر عليها فى فيلة عام 1815م والتى تتضمن نصًّا باليونانية وآخر بالهيروغليفية.
كما حصل الشاب الفرنسى "چان- فرانسوا شامبليون" على نسخة من الحجر كما حصل عليها غيره من الباحثين وعكف على دراسته مبدياً اهتماماً شديداً بالخط الهيروغليفى.
وبمزيد من الدراسات المقارنة أمكن لـ"شامبليون" أن يتعرف على القيمة الصوتية لكثير من العلامات، وفى عام 1822م أعلن "شامبليون" على العالم أنه تمكن من فك رموز اللغة المصرية القديمة، وأن بنية الكلمة في اللغة المصرية لا تقوم على أبجدية فقط، وإنما تقوم على علامات تعطى القيمة الصوتية لحرف واحد، وأخرى لحرفين، وثالثة لثلاثة حروف، وأكد استخدام المخصصات فى نهاية المفردات لتحديد معنى الكلمة.
هل حقا شامبليون هو من فك رموز الكتابة المصرية القديمة؟ ولم يكن للمصريين والعرب دور فى فك تلك الرموز؟
تابع القراءة لتعرف
هل حقا شامبليون هو من فك رموز الكتابة المصرية القديمة؟ ولم يكن للمصريين والعرب والمسلمون دور فى فك تلك الرموز؟
عُثر فى مكتبات عدة مثل المكتبة الأهلية بباريس وفى إستانبول على مخطوطات عربية تضم جداول تكشف المقابل الصوتى العربى لبعض العلامات الهيروغليفية. وتُظهر هذه المخطوطات تعرف ثلاثة باحثين عرب بنجاح على عشر علامات هيروغليفية والتى اعتقدوا أنها يمكن أن تشكل أبجدية صوتية.
الأهم هو أنه عندما كان الأوروبيون يعتقدون في القرون الوسطى أن العلامات الهيروغليفية ليست إلا رموزًا سحرية تمكن العلماء العرب من اكتشاف اثنين من المبادئ الأساسية للكتابة الهيروغليفية:
·(أولهما) أن بعض الرموز تعبّر عن أصوات.
·(ثانيهما) أن الرموز الأخرى تعبر عن معنى الكلمة بطريقة تصويرية.
ويمكن لنا أن نذكر مثالين لعالمين مسلمين لإثبات أن المعرفة بالكتابة الهيروغليفية كانت لا تزال حية عندما جاء المسلمون إلى مصر:
كان أولهما "أحمد بن أبي بكر بن وحشية"
وهو عالم عاش فى العراق فى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين وكتب فى كل شىء من الكيمياء إلى البيئة فالزراعة وثقافات ما قبل الإسلام. وتمت ترجمة مؤلف ابن وحشية عن أنظمة الكتابة القديمة وعنوانه "شوق المستهام فى معرفة رموز الأقلام" إلى الإنجليزية . تناول ابن وحشية فى المخطوطة 89 لغة قديمة؛ منها الهيروغليفية برسومها وما يقابلها فى اللسان العربى. وأن ترجمة إنجليزية لمخطوطة «شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام» من تحقيق المستشرق النمساوى جوزف همر نُشِرَت فى لندن عام 1806م؛ أى قبل 16 عاماً من اكتشاف شامبليون ذلك، وذهب البعض إلى القول: إن شامبليون كان قد اطَّلع على هذه المخطوطة، إلا أنه لا توجد لدينا دلائل تؤكد أو تدحض هذا الادعاء.
وجدير بالذكر أن المسلمين أدركوا أنها ليست صورًا كما كان سائدًا بين الكتاب الكلاسيكيين فى أوروبا.
أما الباحث الآخر فهو الصوفى "ذو النون المصرى" الذى نشأ فى صعيد مصر ببلدة أخميم فى بداية القرن التاسع الميلادى عندما كان أغلب السكان المحليين لا يزالون يتحدثون القبطية سليلة لغة المصريين القدماء.
وما كان "شامبليون" ليستطيع فك رموزالهيروغليفية بدون معرفته للقبطية . والتى اندثرت من حياة المصريين اليومية فى العصورالوسطى، ولا توجد سوى فى قداسات الكنيسة المصرية.
والمخطوط الذى تم الحصول عليه يظهر أن "ذا النون المصرى" كان يعرف القبطية، وبعض الديموطيقية، وبعض الهيروغليفية أيضًا.
توفى ذو النون المصرى عام 958 ميلادية..... أى قبل 864 عام من إعلان شامبليون فك رموز لوحة رشيد الحجرية، كما توفى ابن وحشية عام 930 م.
ويُثبِتُ هذا أن كل من ذا النون المصرى، وابن وحشية قد سبقا شامبليون بحوالى ألف عام فى فك رموز اللغة المصرية القديمة.
لم نكن أمة نائمة ولن نكون بإذن الله تعالى.
وليس للفرنسيين أوغيرهم فضل على الحضارة المصرية
ولكن لمصر فضل على العالم، قدر لها الله أن تكون منارة للعلم والأخلاق والحضارة، علمت العالم على مدارالتاريخ ؛ من الحضارة المصرية القديمة إلى القبطية، إلى الإسلامية .... ومازالت تشع حضارة.
سؤال لك عزيزى القارئ بعد أن قرأت هذه المقال:
هل حقا شامبليون هو من فك رموز الكتابة المصرية القديمة؟
وبمناسبة هذه الاحتفالية أدعوكم لتشريفى بحضور معرضى الخاص "رشيد ورموز من الحضارة المصرية القديمة"
كاتبة المقال :
استاذ طباعة المنسوجات بجامعة طنطا - مصر
تعليقات: 0
إرسال تعليق